قل ما تشاءُ , كما تشاءُ , متى تشاءُ , لمن تشاءْ

الأحد، 10 مايو 2009

حرص و لا تخون


منذ أن أخبرتني صديقتي في المدرسة الثانوية عن حمالة الصدر المبطنة بطبقة إسفنجية غليظة , تهدف إلى إعارة الفتاة أنوثة زائفة , تنسج أحابيل الهوى حول الجردل المنتظر , و أنا أشك في حقيقة كل الإمكانيات الهائلة التي تتزين بها طرقات مدينتي الحبيبة . و لذلك كان العرض الذي قدمته فتاة الدول العربية محل تردد كبير , رغم أن كل بطل من البطلين الصارخين بالحرب فوق صدرها جديرٌ بمائةٍ من المائتين , إن صدقا في بطولتهما . أوحى إليَّ الشك و الخوف من التورط في وجبة لا تستحق ثمنها بالانصراف عنها , إلا أن الأمل في أن يكون الأمر حقيقياً دعاني إلى المغامرة تحت شعار ( التجربة تمحو ما بعدها من ندم ) و لكن لا ضير من التحقق , و في التأني السلامة كما قال حكماء السلف . و تلك صفقة من النوع الذي لا تعوزه الصراحة .
- مفيش مشكلة , بس احب اتأكد
بنظرة تشي بعدم الفهم الصادق
- تتأكد من إيه ؟
- أتأكد إن كل حاجة حقيقية
- كل حاجة ايه ؟
ملأني غباؤها بالضيق فأشرتُ بعيني و أنا أقول
- قصدي دول
رمتني بنظرة غاضبة و هي ترد
- لا ما تقلقش , مش سليكون
قلت منتهجاً لهجة الخبير , محاولاً أن أقول لها بعيني ( على بابا ... دا انا صايع قديم و حياة امك )
- هو السليكون بس اللي يعمل كده ؟
قالت بضيق مشوب بسخرية
- يعني هتتأكد ازاي ؟
تلفت حولي مفتشاً عن أي رقيب يترصد موقفنا المشبوه بملابسها الفاضحة , و عندما اطمأن قلبي لخلو الجو من الرقباء مددتُ يدي بحذر ناشراً أصابعي في الهواء بما يكفي الإحاطة اللازمة للمعرفة
- إبعد إيدك , أنت مجنون ؟!
تملكني الغضب من ضربة يدها , فأطلقت تشخيرة عظيمة ملأتني زهوا , علمني إياها - قبل يومين فقط - صديق محترف
- نعم يا روح امك
قالت بحزم
- مش في الشارع
فكرتُ أن أنهي الأمر و أتركها دون كلمة , و لكن نظرة عابرة لهما استمهلتني , إذا كان الأمر حقيقياً فإن السعادة المحتملة تستحق المخاطرة . فكرتُ قليلاً ثم قلتُ
- ماشي , بس الدفع بعد مش قبل
قالت كمن فهم أمراً ما
- لا معلش , شربتها من غيرك كتير
ثم قالت و هي تتحول عني بوجهها إلي ناحية أخرى
- طريقك أخضر يا بابا
لم أتحرك . أدركتُ من عدم انصرافها و وقفتها مشدودة الصدر , المناورة التي تقوم بها
- ما انا من حقي برضه اطمن
ألتفتت إليَّ ثم قالت بسخرية
- عايز تفهمني إن كل واحدة عرفتها سمحتلك تتأكد الأول
لم يكن من الممكن أن أخبرها أنها المرة الأولى , و لذا كان الحذر أوجب . مستعيناً برغبتي المتأججة في السباحة قلتُ بثقة
- طبعاً , ده كان شرط أساسي مع كل واحدة
- طيب يا سيدي , ما دامت المسألة كده , شفلك واحدة من اللي انت متأكد منهم أحسن لك
قالت ذلك و تحولت مرة أخرى بوجهها عني دون أن ترخي شدة الصدر المتوحشة
أه يا بنت الكلب . و فجأة تفتق ذهني عن حل وسط
- طيب خلاص , أنا هدفع في الفترة ما بين القلع و بداية الشغل , إيه رأيك ؟
نظرت إليَّ بطرف عينيها من أسفل إلى أعلى ثم عادت إلى تجاهلها المصطنع . ثوان معدودة ثم التفتت لي كمن تذكر فجأة شيئاً ما
- قلى قولي , أنت متجوز ؟
دهشتُ لسؤالها فتساءلت محاذراً
- إيش معنى
- جاوب بس , أنت مش عايز تخلَّص
قلتُ و أنا أحاول أن أستشف ما وراء السؤال
- لأ
- خاطب ؟
- لأ
- ناوي تتجوز ؟
- إن شاء الله
قالت و على وجهها ابتسامة لاذعة
- لأني واحدة من اياهم طلبت مني بكل بجاحة إنك تتأكد الأول , طب هتعمل ايه بقى يا ناصح مع واحدة قررت انك تتجوزها ؟ إزاي هتقدر تقولها أنا عايز اتأكد الأول إذا كان جسمك ده حقيقي ولا فشنك
بهتُ تماماً , ظللتُ أنظر إليها و لساني عاجز عن الحركة . يا بنت اللعينة , صدمني جداً أنها تقول الحق . فعلاً كيف سأتحقق من الفتاة التي سأقدم على الزواج منها و التي لابد و أنها ستكون فتاة محترمة و من أسرة كريمة محافظة . كيف يمكن وقتها أن أطلب منها نزع الثياب أو لمسها للتأكد من سلامة كل شيء . لن تقبل أبداً فتاة محترمة أمراً كهذا , و ربما وشت بي لأهلها فتصير فضيحة , و أجد نفسي محل رفض من كل الأسر المحترمة . ها هي عاهرة ترفض أن أتأكد قبل أي شيء فكيف يكون الحال مع فتاة عفيفة . تلك اللعينة على حق . تبادلتُ مع صدرها نظرة عتاب و أسف ثم أخرجتُ محفظتي و نقدتها مائتين جنيهاً , دست النقود في حقيبتها باسمة و هي تقول
- هي الشقة فين ؟
- في الهرم
قالت و هي تتأبط ذراعي و تدفعني برفق إلى السير
- عشرة على عشرة , أصل انا بحب الشارع ده أوي و ياما اشتغلت فيه .